دعا صناعيون أردنيون إلى تطبيق مبدأ «المعاملة بالمثل» حيال الشروط والمعايير التي تفرضها الدول الأخرى على صادراتها, وبخاصة بعد إعلان مصر عزمها تطبيق المعايير الأوروبية على مستورداتها.
ووفقا لإحصائيات للعلاقات التجارية بين المملكة ومصر فإن حجم التبادل التجاري لعام 2019 بلغ 420 مليون دينار أردني وفي 2020 بلغ 495 مليونا، في حين بلغ حتى النصف الأول من العام الحالي 196 مليونا.
إلا أن الوضع يصبح قاتما عند تفحص الميزان التجاري، الذي يميل دائما لمصلحة مصر، إذ وصل إلى 240 مليون دينار أردني لصالح مصر لعام 2019 وبلغ 324 مليونا عام 2020، وخلال النصف الأول من العام الحالي 103,6 مليون دينار أردني لصالح مصر كذلك.
وبلغت صادراتنا في عام 2019 نحو 90 مليون دينار أردني، وفي العام الماضي 86 مليونا، وخلال النصف الأول من العام الحالي بلغ حجم الصادرات 46 مليون دينار فقط.
وبلغت المستوردات غير النفطية من مصر في العام 2019 نحو 330 مليون دينار أردني وفي العام 2020 بلغت 351 مليونا، في حين قدرت حتى النصف الأول من العام الحالي بـ150 مليونا.
الجغبير: نطالب منذ سنوات بالمعاملة بالمثل
يقول رئيس غرفة صناعة الأردن فتحي الجغبير أنه منذ عدة سنوات وهو يطالب بالمعاملة بالمثل؛ «فلا بد من معاملة كل دولة تضع علينا أي قيد بفرض نفس القيود على بضائعها التي نستوردها».
وحمّل الحكومات المتعاقبة مسؤولية ما وصفه بـ"الفشل» في حماية صناعاتنا الوطنية بسبب سياساتها التي «تفتقر إلى الحكمة والجرأة» في مواجهة الدول التي تضع قيودا على صادراتنا.
وأشار إلى أن صادراتنا إلى مصر «قليلة جداً ولا تكاد تذكر مقارنة بالبضائع المستوردة من مصر التي لا نطبق عليها أية معايير».
وبين الجغبير أنه إذا كنا نصدر، على سبيل المثال، ما قيمته 60 مليون دينار أردني فإن50 مليوناً من هذه الصادرات هو بوتاس والباقي بضائع أخرى، بينما نستورد بنحو 350 مليون دينار، منها 30 مليون دينار أجبان صادرة من 370 منشأ.
ولفت إلى أن مصر «غالبا ما ترفض دائما دخول البضائع الأردنية، واضعةً معيقات مختلفة».
أبو حلتم: معيقات عديدة تواجه صناعاتنا
كما طالب عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمان ورئيس اللجنة المشرفة على «صنع في الأردن» إياد أبو حلتم الحكومة بالمعاملة بالمثل مع المنتج المصري وفي حال تطبيقهم المعايير الأوروبية على البضائع التي يستوردونها من الأردن وأيضا بالتنسيب والموافقة المسبقين قبل الشحن من مصر إلى الأردن.
وأشار إلى أنه لم يجر تبليغهم رسميا بخصوص «المعايير الأوروبية» لكن هذا ما فُهم من خلال لقاء جرى أخيرا مع الرئيس المصري.
وشدد أبو حلتم على ضرورة أن تطبق حكومتنا بالمعاملة بالمثل خصوصا أن «البضائع والمنتجات المصرية التي تُغرق السوق الأردني لا تتوافق مع المعايير الأوروبية.. ولا حتى المعايير الأردنية». وعدّ ذلك «ظلماً للصناعة الأردنية التي هي أفضل من المصرية»
ولفت إلى أنه إضافة إلى المعيقات الجمركية، فإن الجانب المصري يضع معيقات إدارية من أجل تخفيض الاستيراد، «وهذا يؤثر علينا».
وذكر أبو حلتم من المعيقات الإدارية «التسجيل المسبق في مصر» في حين أن الأردن «لا تطلب أي شيء سوى شهادة المنشأ وعلى الفور يستطيع إدخال بضائعه».
وأشار إلى أن الصناعات الأردنية «على أعلى مستوى»، لكن «إذا طبقت المعايير الأوروبية المتشددة بنفس الشكل الذي يطبقه الاتحاد الأوروبي وبخاصة بما يتعلق ببعض الصادرات التي لابد أن تكون صديقة للبيئة قابلة للتدوير والمواد التي تنتج عنها نفايات يجب أن تكون غير ضارة بالبيئة‘ فإن إنتاج بضائع بمثل هذه المواصفات يجعل الكلفة مرتفعة، مما يؤثر سلبا على الموافقة باستيرادها من الجانب المصري.
ولفت أبو حلتم إلى أننا نصدر إلى مصر بنحو 80 مليونا، وهذا فارق كبير وفيه عجز في الميزان التجاري هائل لصالح مصر. خصوصا وأن المنتجات التي تصدّر لمصر بسبب التشدد يقصر معظمها على البوتاس والأسمدة، والباقي أدوية بيطرية وبعض الصناعات الكيماوية والمنظفات ومستحضرات صيدلانية.
القادري: يجب وضع مواصفات عالية للواردات
كما دعا عضو مجلس إدارة الغرفة ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات المهندس إيهاب القادري إلى تطبيق المعاملة بالمثل وأن نحافظ على أنفسنا بجزء من المعاملة بالمثل ليس بالجمارك فقط، وإنما «بتطبيق المواصفات على مستورداتنا منها».
ويقول القادري: «أستطيع استيراد بضائع بمواصفات أقل من التي أصنعها، لكنني لا أستطيع تصنيعها في الأردن بتلك المواصفات, فنحن نستورد المواد الخام أو البضائع الجاهزة بأسعار أقل وذلك لأن تكاليف الإنتاج عندهم أقل منها في الأردن».
ولاحظ أن مصر تسعى إلى تشجيع صناعتها المحلية من خلال تطبيق المعايير الأوروبية على الاستيراد؛ فهي وإن لم تمنع الاستيراد إلا أنها تجعل التنافسية عالية بين المستورد والمنتج المحلي المصري.
فأي دولة، برأيه، لا تستطيع أن تغلق على نفسها ولا أن تتوسع بالتجارة، لكن «بإمكانها حماية صناعاتها بوضع معايير فنية للمستوردات وتطبيقها بحزم، وهي بذات أهمية المعيقات المالية، فهي هنا لا تضع معيقات وإنما ترفع من مستوى جودة المستوردات، وبالتالي تشجع صناعتها المحلية.
ويلفت إلى أن المصنعين الأردنيين يتبعون للغذاء والدواء ودائرة المواصفات وتخضع المواد الأولية الداخلة في الصناعات للتدقيق الشديد قبل وصولها، في حين يمكنهم استيراد منتج كامل بمواصفات غير جيدة وينافس الصناعة المحلية بالسعر ويؤثر على الصناعة.
وبالتالي فإن فرض مواصفات عالية على المستوردات مع الحزم في تطبيقها سيسهم في زيادة حجم صناعاتنا الوطنية واستهلاكها محليا.
الجيطان: مواصفات صناعتنا عالية
غير أنّ نائب رئيس ممثل قطاعات الصناعية والتموينية محمد وليد الجيطان لا يتوقع أن يكون هناك تراجع في الصادرات في حال طبقت مصر المعايير الأوروبية على الواردات، «لأننا في المملكة نحققها وتصدر منتجاتنا الغذائية لجميع دول العالم».
وبين الجيطان بأننا نصدر مواد غذائية لأكثر من 100 سوق عالمي بجودة ونوعية تضاهي جميع المنتجات العربية». كما أن «جميع الشركات الأردنية تمتلك الشهادات مثل نظامي الهاسب والأيزو 22000 المختصة بمعايير سلامة الأغذية»..
ويؤكد أنه ورغم ارتفاع كلف الإنتاج ومع وجود المنافسة في السعر «لكننا حققنا التنافسية في العالم».
غير أنه في الوقت ذاته يشدد على ضرورة المعاملة بالمثل مع أي دولة، «فإذا كانت صادراتها تحقق الشروط الأردنية فنحن جاهزون لاستقبال بضائعها ويجب أن تكون شروطنا بالمثل».