اهتمام ملكي بالصناعة لمواصلة قاطرة الإنتاج والتصدير
منح جلالة الملك عبدالله الثاني القطاع الصناعي، الدافعية والعزيمة لمواصلة قاطرة الانتاج والتصدير والتحديث وتوسيع الاعمال بما يسهم برفعة الاقتصاد الوطني؛ ليكون شعار "الاعتماد على الذات" حقيقة ملموسة على ارض الواقع.
ومنذ أن هزت جائحة فيروس كورونا العالم، وجه جلالته بتطوير مواصفات وجودة المنتجات المحلية، مبينا اهمية التوسع في صناعات جديدة بقطاعات الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية والتصنيع الغذائي، كان آخرها خلال زيارته قبل أيام، لمجموعة العملاق الصناعية المقامة بالمفرق، والتي ركز فيها على أهمية تطوير القطاع الصناعي كداعم رئيس للاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل، والتركيز على إنتاج المواد الأولية اللازمة للصناعات لسد حاجة السوق المحلية والتصدير.
وحققت الصادرات الصناعية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني قفزة هائلة من نحو مليار دينار خلال أواخر القرن الماضي لتصل إلى ما يقارب 5 مليارات دينار حاليا.
ووفقا لمعطيات صناعة الاردن الاحصائية، تضاعف حجم الاستثمار الصناعي خلال العقود الأخيرة ليصل إلى ما يقارب 10 مليارات دينار، مصحوبا بارتفاع أعداد المنشآت الصناعية من 4 آلاف منشأة خلال عام 1999 لتصل اليوم إلى أكثر من 22 ألف منشأة صناعية.
وأظهرت الصناعة الأردنية قدرات انتاجية كبيرة خلال أزمة كورونا؛ بقدرتها على توفير العديد من السلع الأساسية للمواطنين وللقطاعات المختلفة، خاصة منتجات المعقمات والمطهرات والأدوية والمستلزمات الطبية والغذائية الأساسية.
ويأمل صناعيون الوصول إلى سياسة واضحة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف زيادة الصادرات وتنويعها وتخفيض كلف الإنتاج المتعلقة بأثمان الطاقة واجور الشحن ما يعزز تنافسية المنتجات الصناعية الاردنية محليا وخارجيا.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) "ان اهتمام جلالة الملك بالصناعة، عززها وأعاد لها الأمل بالتطور الكبير، وعمق الثقة بها لدى المواطن والتاجر، بخاصة الصناعات الغذائية والمستلزمات الطبية التي أثبتت تميزها خلال أزمة فيروس كورونا".
وبحسب احصائيات غرفة صناعة الاردن؛ بات القطاع الصناعي اليوم أحد أكبر الطاقات الانتاجية بالمملكة، وبقدرات تصل إلى أكثر من 17 مليار دينار كانتاج قائم سنوياً، تشكل منها القيمة المضافة ما يقارب 46 بالمئة، ويسهم بنحو ربع الناتج المحلي الإجمالي.
وبينت الاحصائيات أن الصادرات الصناعية باتت تشكل 93 بالمئة من الصادرات الوطنية التي بلغت العام الماضي 2019 ما يقارب 5 مليارات دينار، وتمكنت منتجاتها من الوصول لأكثر من مليار ونصف مستهلك حول العالم وبما يقارب من 1392 سلعة متنوعة، ما يدلل على إمكاناتها العالية وجودتها وتنافسيتها.
رئيس غرفة صناعة الاردن المهندس فتحي الجغبير أكد لـــ(بترا) "ان الاردن بات محط أنظار العديد من دول العالم بفضل سمعته وتعامله مع ازمة فيروس كورونا باقتدار، مبينا أن ذلك عزز من وضع المملكة كبيئة جاذبة للاستثمارات الصناعية؛ خاصة من دول المنطقة.
واضاف أن الصناعة الاردنية التي تشكل ربع الناتج المحلي الاجمالي وتوفر ما يقارب 250 الف فرصة عمل غالبيتها لأردنيين، استجابت لمتطلبات السوق المحلية واحتياجاته من خلال تعزيز عمليات الإنتاج في بعض الصناعات التي مكّنت الأردن من تصدير المستلزمات الطبية اللازمة للوقاية من الوباء.
وزاد المهندس الجغبير الذي يرأس كذلك غرفة صناعة عمان، أن الصناعة الاردنية استحدثت 112 خطا انتاجيا خلال ازمة فيروس كورونا، مبينا ان الفرصة تتعاظم اكثر لتطوير الصناعة الاردنية والمنتج الوطني الذي حظي بثقة المواطن.
ورغم تأكيده على اكثر من 60 بالمئة من القطاعات الصناعية الأردنية ازدهرت خلال أزمة فيروس كورونا، الا انه شدد على ضرورة التركيز على القطاعات الصناعية المتضررة، وبخاصة قطاعات الالبسة والمحيكات والأثاث والصناعات الخشبية والهندسية والإنشاءات، داعيا إلى دعمها استجابة للتوجيهات الملكية السامية.
وأوضح أن الفرصة متاحة أمام الأردن لتطوير صناعته والارتقاء بتنافسيتها محليا وبأسواق التصدير من خلال تطبيق المعاملة بالمثل على بعض مستوردات الدول التي تفرض قيودا على صادرتنا وتكثيف الرقابة على السلع المستوردة من حيث المواصفات والمقاييس، والتخمين العادل والحقيقي لها كونها تضر بالخزينة والمنتجات الاردنية.
ولفت المهندس الجغبير إلى أن الصناعات الأردنية بمختلف منتجاتها، استطاعت خلال أزمة فيروس كورونا أن تلبي احتياجات السوق المحلية من مواد غذائية ودوائية والمستلزمات الطبية والمعقمات والكمامات ومنتجات أخرى ما عزز ثقة الجميع بها.
وأعرب عن ثقته بأن الاردن سيكون مقرا للكثير من المستثمرين من الخارج، وبخاصة في قطاعي المواد الغذائية والكيماوية.
واوضح أن الصناعة هي الأقدر على معالجة قضية البطالة وتوليد فرص العمل، مشددا على ضرورة توسعة الخطوط الصناعية والتعاون مع مؤسسات البحث العلمي للوصول لمنتجات متطورة وبمعايير عالية المستوى، بالإضافة لقيام الحكومة بتوفير مستودعات تخزين تحسبا لأي طارىء والتفكير بجدية لتوفير الحماية للصناعة الاردنية.
من جانبه، قال رئيس جمعية المصدرين الأردنيين المهندس عمر ابو وشاح إن اهتمام جلالة الملك بالصناعة الوطنية يعد دعما قويا ومحفزا للتوسع بالإنتاج وزيادة التصدير ودخول اسواق جديدة وبخاصة الإفريقية.
وبين أن الصادرات الوطنية في ظل صغر السوق المحلية تعد الحل الامثل للنمو الاقتصاد في ظل وجود اتفاقيات تجارة حرة مع العديد من دول العالم، وفي مقدمتها التجارة العربية الكبرى واميركا وكندا والاتحاد الاوروبي.
وشدد ابو وشاح على ضرورة الاستفادة من الدعم والاهتمام الملكي بالقطاع الصناعي من خلال الوصول لسياسة واضحة لزيادة الصادرات وتنويعها؛ يتم وضعها بالشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، والعمل ايضا على تخفيض كلف الإنتاج على القطاع بخاصة المتعلقة بالطاقة واجور الشحن لتعزيز تنافسية المنتجات الوطنية محليا وخارجيا.
واكد ان زيادة الصادرات تعد البوابة الاولى لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني وتوفير مزيد من فرص العمل وتعزيز احتياطي المملكة من العملات الاجنبية.
واشار إلى ان الجمعية عقدت اجتماعا مشتركا مع شركة بيت تنمية المشاريع والصادرات الاردنية بهدف تعزيز التعاون وتحقيق التكامل لزيادة الصادرات وفتح اسواق جديدة امامها.
واكد ان جمعية المصدرين الاردنيين التي تأسست عام 1988 تسعى لدعم تصدير منتوجات وخدمات القطاع الصناعي وتنمية صادرات المملكة الصناعية وتوفير المناخ الملائم لتبادل خبرات رجال الاعمال بمجالات التصدير، بالإضافة لترويج المنتجات الأردنية بمختلف الاسواق العالمية والمشاركة بالمعارض الدولية.
واكد رئيس مجلس ادارة مجموعة العملاق الصناعية حسن الصمادي، ان اهتمام جلالة الملك بالصناعة الاردنية والزراعة ايضا، يمثل فرصة لتوسيع قاعدة انتشار المنتجات بالسوق المحلية وسط غياب أو قلة المعروض من الاصناف المنافسة المستوردة.
واوضح الصمادي ان الدول التي لا تمتلك صناعة كافية او ليس لديها اكتفاء من الانتاج المحلي واجهت مشاكل بانقطاع التوريد نتيجة قرارات الاغلاق التي اتخذتها كثير من الدول للحد من انتشار فيروس كورونا.
واشار إلى أن الصناعة الأردنية تواجه تحديات وصعوبات كبيرة يجب العمل لتجاوزها، وفي مقدمتها ضعف القدره للانفاق على التسويق، وتوجه محلات التجزئة الكبرى للتعامل مع العلامات العالمية وفرض شروط صعبة ورسوم عالية على المنتج المحلي ما يقلل تواجده في اكثر منافذ البيع قوة.
ولفت الصمادي إلى تحديات أخرى تتمثل بارتفاع كلف الطاقة والقروض لتأمين رأسمال العامل والنقل الداخلي وقلة العمالة الفنية المدربة والبيع الآجل وعدم توفر الإمكانيات المالية اللازمة لتمويل مثل هذا البيع، بالإضافة لعراقيل وقيود تفرضها الدول المستوردة للمنتجات الاردنية رغم ان الاردن لا يطبق هذه الإجراءات.
وقالت مدير عام شركه ريمارا للتعبئة والتغليف الدكتورة ريم بغدادي إن جائحة كورونا اظهرت اهمية القطاع الصناعي باعتباره المحرك الرئيس للاقتصاد الوطني، مؤكدة ان الجميع اعتاد على الحلول العملية والواقعية التي يطرحها جلالة الملك بكل الظروف للنهوض بالاردن واقتصاده.
واضافت أن الصناعيين يثقون بأن اهتمام جلالته بالصناعة الأردنية، يؤكد النهج الهاشمي بالحفاظ على الأردن واستقراره الاقتصادي من خلال الاعتماد على الذات لتصنيع احتياجات المواطنين من المنتجات والسلع الضرورية وزيادة الصادرات.
وتابعت الدكتورة بغدادي أن الصادرات من المنتجات الصناعية وصلت إلى اسواق عالمية كثيرة لجودتها وتنافسيتها، ما انعكس على الناتج المحلي الإجمالي وزيادة ايرادات الخزينة، مشددة على ان الدعم والاهتمام الملكي بالصناعة الأردنية، يمثل فرصة كبيرة للصناعيين للعمل بأقصى القدرات وطاقاتهم الإنتاجية والتركيز على ابتكار منتجات تلبي احتياجات المرحلة الحالية التي تمر على العالم.
واضافت الدكتورة بغدادي التي تشغل منصب نائب رئيسة مجلس السيدات الصناعيات في غرفة صناعة عمان بأن الوقت مناسب لقيام الصناعيين بتبني منهجية العمل الجماعي والتشاركي التكاملي لتحقيق مصالح الجميع وخدمة مصالح الوطن.
وقال المتخصص بالصناعات الدوائية الدكتور عدنان بدوان إن التوجيهات الملكية السامية والاهتمام بالصناعة شكلت دعوة للقطاعين العام والخاص للتوجه إلى وضع خطة قابلة للتنفيذ تأخذ بعين الاعتبار البنية التمويلية التي تحتاجها الصناعة الأردنية، كأن تصبح القروض الصناعية طويلة الأجل بفترات سماح طويلة لسداد القروض وبنسب تقارب العالمية للاقتراض، وتشجيع المؤسسات على إقراض راس المال المغامر مع وجود جهة حكومية بمرجعية واحدة لتنسق اعمال الأبحاث التي تقود إلى منتجات ابتكارية ما يتيح تصديرها عالميا.
واكد الدكتور بدوان ضرورة استنباط طرق خاصة للتنمية المستدامة لتتلاءم مع طبيعة ميكانيكية العمل الخاصة بالصناعيين الاردنيين، منوها بدعم غرف الصناعة وعدم دمجهاً بالغرف التجارية وتشجيعها على رسم خطط تصديرية.
ودعا إلى تشجع تقارب المصنعين والاندماجات ليتوافر للشركات وفرا ماليا لإنفاقه على البحث العلمي التطبيقي وتسويق المنتجات وبناء الاسم التجاري المميز الذي يحتاج للتطوير المستمر ليبقي جاذبا للمستهلكين محليا وفي بلاد التصدير.
وقال إن المؤسسات الصناعية تعتمد استراتيجيات مختلفة للتصنيع، ولكل منها بنية تقنية وتمويلية خاصة بها؛ الاولى تطبقها الدول النامية (وهي تجارة بذراع صناعي)، والثانية تعتمدها البلاد المتطورة (وهي صناعة بذراع تجاري)، موضحا أنها تختلف من حيث الاعتماد على البحث والتطوير وطبيعة النشاط التمويلي.
واضاف أن من المشكلات التي تواجه الصناعة الاردنية هي اعتبار الشركات في مجملها تجارة بذراع صناعي لا تمتلك المخططات لتتحول إلى صناعة بذراع تجاري، وبالتالي وجدت نفسها الان بعيدة عن الابتكارات ذات السبق التكنولوجي بمجالها والتي ترفع من قدرتها التنافسية وتميزها عن الغير وتبعدها عن منافسة شركات الدول المحيطة في بلاد التصدير والتي تشترك مع شركاتنا بنفس القاعدة الإنتاجية، مبينا ان الشركات الصناعية الاردنية تستطيع ان تتميز بامتلاكها العنصر البشري المتعلم والمدرب.
وبين الدكتور بدوان أن اغلب محاولات ربط الصناعة بالاكاديميا، باتت محاولات ذات نفس قصير، اذ اعتمدت تطوير المنتج ولم تعتن بتطوير التكنولوجيا الذي يضمن لها مكانا عالميا وبقيمة مضافة أعلى لمنتجاتها.
وقال "اذا كنّا جادين بأن نكون دولة لها أنشطة صناعية ملموسة فعلينا ربط الجامعات ودراساتها العليا ببرامج تركز على زمر محددة من الأبحاث التي يتم تقنينها وتحويل الممكن منها إلى منتجات تصنع محليا وتصدر او نصدرها كتكنولوجيا".
واضاف أن تمويل الأبحاث يجب ان يكون مناصفة بين الشركات وصناديق حكومية لدعم البحث العلمي، مبينا أن رأسمال الشركات المحدود يحد من قدراتها على البحث العلمي، مستدركا انه في حال السير بهذه البرامج تكون الصناعة الوطنية قد وضعت عَلى طريق مضمون النتائج